اللغة اللبنانية بالحرف اللاتيني بين رسائل الهاتف والعقل الالكتروني…وسعيد عقل

كتب منصور بوداغر، على موقع Now Lebanon

لا يزال سعيد عقل، رغم سنه الذي ناهز الخامسة والتسعين، محور المعرفة اللغوية بأبجديته المبنية على الحرف اللاتيني التي وضع أسسها منذ ما يزيد على خمسة وأربعين عاما، والهادفة إلى كتابة اللغة اللبنانية بالحرف اللاتيني.

ويتفق المشتغلون باللغة ولا سيّما العالمون منهم بحرف سعيد عقل على أن ما يستعمله اليوم الناس في كتابتهم لرسائلهم الالكترونية وتواصلهم عبر الانترنت هو المبدأ الذي سعى إليه الشاعر الكبير وليس الابجدية التي وضعها مع ضوابطها والتي، إن تم تعميمها، لحلت كل مشاكل الحرف التي يواجهها المتواصلون على الانترنت في أحاديثهم ورسائلهم. ويشيرون إلى رفض سعيد عقل تسمية “لغة سعيد عقل” على اعتبار أن هذه اللغة هي اللغة اللبنانية وهو أوجد لها أبجدية تعتمد الحرف اللاتيني. وسبب اعتماده هذا الحرف وليس غيره كَون هذا الاخير هو الاكثر كتابة أو انتشارا، خصوصا أن اللبنانيين ليس لديهم أي عقدة تجاه أيّ أبجدية، وذلك يعود إلى أن كل أبجديات العالم مصدرها الابجدية الفينيقية، كالروسية واليونانية والفرنسية والانكليزية حتى منها العربية، ويمكن استثناء الصينية واليابانية وما شاكلهما التي لا تستعمل الاحرف أساسا.

Lebanese Language - Said Akl version

أستاذ اللغة الفرنسية في مدرسة الجمهور جيلبير خليفة، وهو من دعاة اعتماد اللغة اللبنانية بالحرف اللاتيني، لاحظ أن على الانترنت تم استبدال بعض الاحرف بأرقام، فحرف الحاء يرمز اليه الرقم 7 وحرف العين الرقم 3 والهمزة الرقم 2. وأكد الشاعر واللغوي موريس عوّاد أن الحرف اللاتيني كما عدله سعيد عقل ليس هو ما يستعمل اليوم على الشبكة العنكبوتية، بل الحرف الفرنسي الموجود في التداول حاليا. فعقل نظّم الحرف وأصلحه ووضع له الـ”آف” والـ”همزة” والـ”عين” وغيرها. أما الموجود حاليا، وهو الاستعاضة عن بعض الاحرف بالارقام، فهو مسألة تزول مع الايام وتنتهي. وقال “يوما ما عليهم إيجاد حرف يكون لكل الشعوب وليس لفئة معينة تقرأ الرقم حرفاً، وهو أمر محدود للغاية، وكان من الافضل أن يتم الاخذ بأحرف سعيد عقل الموجودة في (مرجوحة القمر) و(آيات وصور) و(دفاع سقراط) و(روميو وجوليات) وغيرها. وفي هذه الاحرف نجد العين والآف” والحاء” والخاء والهمزة، اذ أضافها سعيد عقل كلها والاستعانة بها أفضل بكثير لان إضافة ارقام إلى اللغة لن تؤدي إلى أي مكان فالحرف هو حرف وليس رقماً، والكتابة بالرقم محدودة وبسيطة. والتطبيق الذي يحصل على الحاسوب اليوم ليس غير علمي بل هو مزاجي. في النتيجة هذا التطبيق يحوي شيئا من التجارة والاستقراب وهو أمر رخيص لن يكتب له الحياة، فالحرف بحاجة إلى حرف وليس إلى أرقام”.

من ناحيته لا يرى الاعلامي حبيب يونس، مدير إخبار “صوت الغد”، أن حرف سعيد عقل مطبق حاليا على الانترنت. وقال “لقد أخذوا القاعدة نفسها التي ارتكز عليها عقل ولكن مع تطبيق أمور أخرى عليها من دون نسخها كما هي. فمثلا يستعمل الرقم 7 مكان حرف الحاء في حين أن عند عقل هي حرف X. أما الانتقاد لاعتماد الحرف اللاتيني، ففي الاصل هذا الحرف يكتب بأشكال متفاوتة وفيه ثغر عدة حيث يستعمل الحرف نفسه في أماكن عدة بألفاظ مختلفة”.

وقال الشاعر وأستاذ اللغة العربية الشاعر رفيق روحانا والذي وضع رسالة ماجستير موضوعها “ثورة الحرف عند سعيد عقل”، إن “ما يطبق على الانترنت اليوم هو حرف هجين، ولغة الانترنت تكتب بالحرف اللاتيني المشوّه إذ يستعملون علامات في غير موضعها، وهذا ما يسمى ببدائية المعرفة ولو أن لديهم المعرفة الكاملة لاخذوا بحرف سعيد عقل الذي يحل لهم كل المشاكل من دون الحاجة الى الحزازير التي أوجدوها”. وأضاف “هذا التطبيق اليوم لا مفر من تطوره نحو حرف سعيد عقل لسببين: كون هذا الحرف حقيقة لا أحد يستطيع أن يدحضها والحقيقة دائما تنتصر، وكون أن ثمة أناساً يسعون وراءها فيطبعون ويكتبون بهذا الحرف. وحتى لو لم يكن أحد وراء الحقيقة فهي ستنتصر ولكن متأخرة، ولأن ثمة ساعين وراء حقيقة سعيد عقل فستنتصر أسرع”.

الشاعر موريس عوّاد قال “متى تكلمنا في اللغة والحرف نكون دخلنا إلى عالم العلوم. وعندما نسعى إلى إصلاح ما هو معطل يجب استعمال المنطق. والمنطق في ما صنعه سعيد عقل يقوم على أن يكون لكل صوت أو نبرة حرف يدل عليها. ومثال ذلك، عندما أكتب كلمة (راحوا) لا أضع لها (ا), فالالف تعمل عمل الالف فقط فلا أضعها من دون أن ألفظها. أو ككلمة طاولة نكتبها (طَوْلي)، فأكتب كما ألفظ وكل ما هو مكتوب أقرأه، فلا أكتب شيئا لا ألفظه أو أضعه ديكورا لانني ورثته”.

أما خليفة فانطلق من أن “كل أبجديات العالم اليوم سيئة لا قيمة للحرف فيها، مثال ذلك في الفرنسية ils mangent أي (هم يأكلون)، لا نعرف عند لفظها ما إذا كانت بالمفرد أو الجمع، وفي الحالة الثانية لا نلفظ فيها حرف s من ils وأحرف ent من mangent ففقدت هذه الاحرف قيمتها. وفي فلسفة سعيد عقل على كل صوت أن يقابله حرف، فمثلا الحاء يرمز اليها حرف X لأن سعيد عقل ألغى مدلوله الاصلي المستعمل اليوم، وذلك كون هذا الحرف يتألف من صوتين يعودان الى حرفين آخرين هما الـ K وC وعندما نريد أن نلفظ حرف X نكتب الحرفين السابقي الذكر، وهذا الامر يخرج حرف X من الاستعمال، فخصصه سعيد عقل لصوت حرف الحاء. أما العين فقد رمز إليها عبر حرف Y مع شَرْطة لجهة الداخل في أعلى خطها الشمالي، علما أن التعديل في شكل جميع الاحرف التي أضافها عقل يأتي من ضمنها أي متصلا بها لان عقل يرفض وجود نقاط أو شحطات على الحرف ومستقلة عنه، فالحرف يكون متكاملا وجديدا يرمز إلى صوت واحد، فالطاء تكتب T مع شَرْطة في وسطها لجهة الشمال من ضمن الحرف نفسه”.

وبحسب يونس، “على كل حرف يلفظ أن يكتب وأينما وقع يلفظ بقيمته ومعناه اياهما. وكان عقل يعطي حرف X كمثال على ذلك، ويعتبر أن هذا الحرف يقع في ستة أماكن في اللغة الفرنسية وفي كل مكان يستعمل بطريقة مختلفة ككلمة perdrix وexamen وغيرها. وهو يلفظ حينا ولا يلفظ أحيانا، فما شاء فعله هو أن يكون لكل صوت يلفظ حرف يعبر عنه. وقد طوّر عقل مبدأه وحرفه حتى أصبح واضحا، فكتابه (يارا) كُتب بحرف ينقص عن الحرف الحالي. أما حرف الرسائل الالكترونية فيقرّب بعض الامور. مثلا الرقم 2 يقوم مقام الهمزة، ولكن إذا كتبت كلمة 2ana بهذا الشكل فهي ستلفظ تماما كما ana من دون استعمال الرقم. وسعيد عقل وضع حرفا مكان الرقم ويرمز له بحرف C مع شارطة أو قاطعة (/) في كعبها وجعلها حرف A أو الألف الصامتة consonne فميزها تاليا عن حرف A المصوّت voyelle. وقد حاول بمنطق الابجدية الفينيقية الذي اختصر مجموعة تصويرات تدل على شيء معيّن بحرف واحد، وضع أبجدية عالمية تضم كل الاحرف، ملغيا من بينها حرف القاف الذي لا يستعمل إلا في بعض الدول أو عند قسم من شعبها كما في لبنان وعند الشعب الكردي، وحتى عند العرب فهي أصبحت تلفظ لدى قسم كبير منهم مثل حرف الغين، كقولهم (إيش تغول) بدلا من ماذا تقول، أو مثل حرف الهمزة كقولهم (فؤَرَى وسَأَطو) بدلا من (فقراء وسقطوا). فمحاولة سعيد عقل هي تقريب الحرف من المنطق بشكل يسمح لك عندما تقرأ بأن تفهم وليس أن تفهم حتى تستطيع بعدها أن تقرأ كما هي الحال مثلا مع اللغة العربية أو مع بعض اللغات الاخرى. ثمة لغات كالاسبانية تُقرأ من دون خطأ لان الحرف الذي يكتب يلفظ مع بعض النواقص. مع أبجدية سعيد عقل التي تضم 29 حرفا نجد لكل منها لفظاُ واحداً فقط، مع بعض الفوارق بين المصوّتات voyelles، كما عند وجود ألف ممدودة حيث يتم وضع حرفي ألف أي aa كما في كلمة (كانوا) التي تكتب qaanu (مع الاشارة إلى أن حرف u يلفظ بصوت الواو ou] حتى لا تلفظ (كَنوْا) أو (إيه) حيث نضع حرفي ee، وهذا ما سهّل جدا القراءة الصحيحة، فعليك أن تقرأ لتفهم وليس أن تفهم حتى تقرأ كما هي الحال في بعض اللغات. أما في لغة الحاسوب فلم يعتمدوا هذا المنطق, بل استعاضوا عن بعض الاحرف بالارقام بشكل ثابت وهو ما قرّبهم من العقل فاستعملوا الارقام 7 و5 و3 و2 مكان احرف الحاء والخاء والعين والالف. فمن هذه الناحية اقتربوا من سعيد عقل ولكن لا يزال كل شخص يكتب على الانترنت بطريقته الخاصة، في حين أوجد عقل لها القواعد وطريقة الكتابة. مع سعيد عقل كان القصد التسهيل على العقل والسرعة بمعنى تخصيب الزمان أي استغلال كل دقيقة أو لحظة عبر توفير الوقت الذي يمضيه الكاتب بالتفكير في القاعدة التي على أساسها عليه أن يكتب، فتصبح القدرة على التعبير بمستوى الفكر لحظة التفكير فيختصر الوقت بشكل كبير وتسهل الامور إلى حد بعيد”.

من جهته، أكد الشاعر رفيق روحانا أن “الحقيقة والمبدأ الاساسي يقومان على أن المرء لا يستطيع أن يكتب بالحرف العربي أو الفرنسي أو أي حرف في العالم ما يفكر فيه لأن هذه الحروف ناقصة لا تخدم اللغات في العالم، بينما حرف سعيد عقل يخدم كل لغات العالم لأنه يتمتع بميزتين: المنطق أي كل صوت له حرف، والاناقة أو الجمال. سعيد عقل أدخل المنطق على الحرف. الحرف خلق لكي يعبّر عن كل صوت بشكل معيّن، فجاء الناس والحضارات والمتفلسفون وخرّبوا هذا المنطق. أما عقل فأعطى لكل صوت شكلاً، وهذا الشكل لا يمكن أن يعني حين يتكرر في موضع آخر صوتاً آخر بتاتا، خلافا مثلا للغة الفرنسية حيث حرف السين S يلفظ أحيانا كحرف الزين Z أو حرف الإكس X أو بشكل مشدد SS أو حتى لا يلفظ. فحرف سعيد عقل يحافظ على الصوت الذي يعبر عنه أينما ورد، وبذلك ومنطقيا تصبح قراءتنا صحيحة. فاستعمال الحرف باصوات مختلفة أو حتى دون صوت هو خلاف المنطق تماما، فكيف يمكننا قراءة حرف معيّن يرد بأصوات مختلفة بحسب الكلمة الوارد فيها. فهذا تخريب للمنطق وللعقل. ويهدف سعيد عقل إلى إزالة هذا الشذوذ من أكثر الحروف استعمالا اليوم في العالم ألا وهو الحرف اللاتيني. وكونه الاوسع انتشارا أصلح هذا الحرف بالذات. وهو الوحيد الذي سينقذ العالم من خراب العقل. تصوّر أننا نعلّم التلميذ أن واحداً زائداً واحداً يساويان اثنين، ثم في اليوم التالي نقول له إنهما يساويان خمسة. ولكن كيف يقبل بأن نقول له إن حرف A يعني في المرة الاولى A وفي المرة الثانية يعني E وفي المرة الثالثة لا يعني شيئا ورغم ذلك علينا كتابته. يقبل هذا الامر لأنه طفل ويظن أننا نفهم أكثر منه ويتربى على هذه المعرفة. فمثلا في كلمة temps نقرأ حرف e كحرف a في حين أننا لا نقرأ أياً من الاحرف m وp وs، فكيف يمكن أن نُقنع التلميذ الذي لفظ ثلاثة أصوات هي t وa وn أي tan بأن يكتب بدلاً منها temps فهذا شذوذ في العقل. ولكن كونه تعلم هذه الكتابة وهو صغير فقد قبلها. وإذا قلنا له اليوم أننا سنكتب temps بشكل tan فهو سيهزأ بنا ويعتبرنا جهلة كونه تربى على هذا الجهل اللغوي. الناس متى تعودوا على الخطأ يظنون أن الخطأ صواب ويستهزئون بالصحيح.

ويتّصف حرف سعيد عقل بالاناقة والجمال، فليس من نقاط على الحرف أو تحته أوعلى جنبه أو علامات تدل على نبراته كما في الفرنسية (les accents) نَبْر القُصر أو العَوَض أو المَد وذلك على عكس واقع الحال في الحرف العربي واللاتيني، علما أن المشاكل التي نبحث فيها هنا لا علاقة لها بلغة من اللغات بل بالاحرف التي تكتب بها هذه اللغات. ومن مشاكل الحرف العربي، وليس اللغة العربية، افتقاره الى المساحة dimension ولهذا السبب يسمى الخط العربي. فالاحرف اللاتينية بشكل عام يمكن وضعها ضمن مربّع أو مربّعين. فحرف L يشكل مربّعين وحرفا A وE يشكلان مربّعا واحداً. أما في اللغة العربية فهذا الامر غير موجود. فحرف الباء هو عبارة عن طربوش صغير إذا ما وضعنا تحته نقطتين استحال ياء وإذا وضعنا فوقه نقطة أو نقطتين أو ثلاثاً استحال على التوالي نوناً أو تاء أو ثاء. وهذا أمر مؤسف فكثرة النقاط أشبه بالقذارة والشوائب وهي أحد أسباب بشاعة هذا الحرف. وبنفس المعنى، لا يمكننا أن نكتب من دون ضمة وفتحة وكسرة لحسن القراءة، وعند وضعها على كل الحروف نصبح أمام لوحات من الخَربشة يعتبرها البعض ممن أفسده هذا الحرف فناً جميلاً. كما أن هذا الحرف يفتقد للمساحة والحجم كما في “اللهم” نبدأ من فوق مع اللام حتى نصل إلى أسفل مع الهاء دون تناسق. فالحرف يجب أن يكون أنيقا يعلن عن نفسه بنفسه دون أن نضطر للاستعانة بأمور أخرى للدلالة عليه. فلا يجب أن يعرّف عن الحرف بضمة وفتحة وكسرة وسديلة cedille وهمزة وَصْل trait d’union، فكل هذه الامور مخالفة للمنطق وللجمال.

ويؤكد روحانا أن هذا الحرف مطبق في أمكنة عدة. فمثلا ثمة 19 كتاباً اليوم مطبوعة بهذا الحرف. ولمعرفة دلالات هذه المسألة يجب أن نعلم أن أول كتاب طبع بالحرف العربي كان في العام 1735 في حلب على يد الشمّاس عبدالله الزاخر، أما ثاني كتاب طبع بهذا الحرف فكان سنة 1800 مع مجيء المطبعة إلى مصر. أما سعيد عقل فقد طبع العام 1961 كتابه يارا، ثم طبع العام 1968 سبعة كتب بهذا الحرف، وهذا دليل على أنه حرف حي.

ويشير يونس إلى أن هذا الحرف تعرض للاستهزاء يوم أعلنه سعيد عقل، وقال عقل حينها إن هدفه هو حرف عالمي، وهو اليوم يدرّس في أهم ست جامعات في علم اللغات والالسنيّة من ضمنها جامعة السويد وأكثر من جامعة في الولايات المتحدة. كذلك بوشر بترجمة مجموعة من روائع العربية إلى اللغة اللبنانية وبالحرف اللبناني بواسطة الدكتور هشام شرابي ومنها الانجيل وكتابات للامام علي، علما أن أول كتاب لسعيد عقل بهذا الحرف كان “يارا” الذي استعمل فيه الحرف السابق للحرف الحالي. وبعدها أصبحت المجموعة التي معه تصدر مؤلفاتها بهذا الحرف، وهو أخيرا وضع كتابين بحرفه هما القداس الماروني الذي أسماه “نستا سوليمنيس” ومسرحية “عشتريم” وقبلهما كان قد وضع كتاب “الخماسيات”. وهناك جريدة “لبنان” التي كان يصدرها والتي كانت تكتب بالحرف العربي ومن ثم أصبحت تكتب بالحرف اللبناني. وهذا الحرف متطور، وكما يقال هناك لغات تفرض نفسها، وليس هناك من لغة وضعها شخص مع حروفها، فالزمن يصنعها ويأتي فيما بعد أناس يضعون لها قواعد. هذا ما حصل مع أبو الاسود الدؤلي يوم وضع قواعد اللغة العربية التي وُجدت قبل مئات السنين، ثم جاء في ما بعد من طوّرها. وكل يوم نجد قواعد جديدة للغات. والمعلوم أن في المجامع اللغويّة الاجنبيّة يحصل تغيير دائم لحروف ولكلمات ويضاف إليها أو يحذف منها بشكل يجعل اللغة كالحياة، نهراً جارياً كل يوم يحمل شيئا جديدا.
ويشير خليفة إلى وجود عالم ألماني يدعى هاينز غروسفيلد في اليونيسكو دعا كل لغات العالم إلى الاخذ والكتابة بحرف سعيد عقل ليس فقط بشكله ولكن أيضا بفلسفته أي بأن يكون لكل حرف لفظه. فاللغة اللبنانية بحرف سعيد عقل توضح الامور وتسهلها وتكسب المرء لغة جديدة في فترة قصيرة جدا، على عكس الحال مع اللغات الاخرى لا سيّما العربية منها.

وينبّه روحانا على هذا الصعيد إلى أن في الكون نوعين من القضايا، قضايا التصرّف وقضايا الفكر. الاولى تتغيّر فورا، مثال قرار أتاتورك بترك الطربوش ولباس القبعة الاوروبية، فمن اليوم الثاني تغيّر اللباس. ولكن هل يستطيع أتاتورك أن يقرر منع التفكير العاطفي أو المنطقي مثلا. فالقضايا الفكرية تحتاج إلى أجيال تربي أجيالا عليها حتى تتحقق. فقضية الحرف تدخل في هذا الاطار وينقصها حتى تتحقق بسرعة أن يأتي حاكم عنده أتاتوركية كمال أتاتورك كعبد الناصر مثلا، وعندها في غضون خمسة أعوام يمكن نشره. ولكن حكام اليوم غير القادرين على تأمين رغيف الخبز بالتأكيد غير قادرين على فرض حرف معيّن. فمن في الحكم عقيمون لا يمكنهم انجاب قرارات عظيمة. لهذا السبب يجب انتظار مجيء مثل هذا الحاكم. ويخطئ من يظن أن المسلمين أو المسيحيين سيناهضونه. لقد سبق وذكّرت أن تغيير الحرف هو أكبر خدمة للقرآن إذ يصبح بالامكان أن نقرأه بشكل صحيح. فما ينقص لانتشار الحرف شرعية الاعلان عنه. ويجب طبعا شرحه أولا حتى يقتنع الناس بصوابيته فينتشر بسرعة وهذا ما يؤمّنه وجود حاكم قوي مقتنع فيه.

ويخلص الشاعر موريس عواد إلى أن ثمة 22 لغة على المتوسط الشرقي يجب أن تقوّى، ومن يقوي اللغة هو الانتاج فيها وما يقوي الانتاج هي الحرية التي بدونها لا نستطيع أن نصنع تحفا. ويضيف “مثلا لو اني في نظام توتاليتاري أو تيوقراطي أو أوليغارشي أو غيرها لما كنت كتبت 30 كتابا وكسّرت عظما ورؤوسا حتى آخر استطاعتي. وكما اللغة اللبنانية في لبنان، ثمة 22 لغة على المتوسط الشرقي، فكل دولة لها بيرقها وحدودها ولغتها. عندما يولد الأولاد في هذه المنطقة كلها يتعلمون الكلام وهم في أحضان أمهاتهم، وعندما يكبرون يتعلمون العربية في المدرسة وعندما يريدون أن يعيشوا يرمون العربية ويتعلمون الانكليزية والفرنسية والالمانية وغيرها، فلا يستطيعون أن يعيشوا بالعربية وأقصى ما يستطيعونه بالعربية أن يصبحوا أساتذة لغة أو صحافيين أو أن يضعوا خطابا ويقرأون الاخبار”.

ويتابع “لا أحد يشتري المعلف قبل الحصان، فالقاعدة يتم وضعها بعد أن يكون قد أصبح بين أيدينا قائمة أو فهرس كبير من اللغة. وطالما نحن نتكلم اللغة فنحن نفهمها وليست بحاجة للقواعد، فإذا كنت تتكلم وأخطأت أي ولد يصحح لك لانه يعيش في هذه اللغة. ولا تصبح اللغة بحاجة إلى الصرف والنحو والقواعد إلا عندما تصبح غير محكية ومقروءة في الكتب وحين يفرّخ على كعبها لغة أخرى. وحينها علينا أن نتكلم لغة أحفاد الاحفاد ونقرأ لغة الجدود. فباختصار اللغة المحكية ليست بحاجة لقاعدة”.

9 thoughts on “اللغة اللبنانية بالحرف اللاتيني بين رسائل الهاتف والعقل الالكتروني…وسعيد عقل

  1. أيهما أسلم للعربية :- وضع أسس وتقنين للكتابة العربية بالحروف
    اللاتينية، ومن ثم تعليمها للنشء بالمدارس العامة والخاصة. أم في تركها للعبث والتشويه ؟

    Like

    1. عندك موبايل موتورولا، بتقنية أقصاها واب، من الجيل الثاني.
      بالمقابل تعرف ان التلفون الذكي سامسونغ، يحتوي ليس فقط على أحدث تقنية، بل أيضا امكانية تأقلمه كما انت تريد.
      أي تلفون تختار؟

      يبقى على صاحب هذه الأداة ان يطورها، مهما كان، والا سأختار غيره.

      Like

  2. أيهما أسلم للعربية :- وضع أسس وتقنين للكتابة العربية بالحروف اللاتينية، ومن ثم تعليمها للنشء بالمجرس العامة والخاصة. أم في تركها للعبث والتشويه ؟

    Like

  3. even when i send the message i use the internet guys letters..but why to relate the arabic with one specific country or civilization..we dont wana the arabi, not because is ugly language..i m living abroad in mexico..10% from the castillano language is arabic and between them till now real arabi words as azucar or qamisa when we say 2amis for example..the arabic as language isnt a primitif language..in the contrary it is a knwoledge and flexible language..and the arabic is the most similar to our ancestor fenicios language and the latino is just a branche isnt an origien..nowaday the arab are primitif but it isnt the fault of the language that contain word in all the dicionary in the world..we cant hide the sun with one finger and we cant deny that this langauge was for 600 years ago the universal language as it is right now for the english..the language should always develop we rnt using anymore the real arabic langauge as isnt it anymore the latino as isnt themodern gregio similar to the old one..and i think mr 3a2al tried to copy paste the maltien experience when is the only semetic language wrotten by latino letters..one last note when the jew decide to survive their old hebrew language they survive it as it was they didnt replace the nebrew semtic letter with the latino one..only to be proud of their history..i dont see a proud to act like the latino..because they would only look at us that we r eastern ignore our history trying to look and be as them

    Like

  4. الكتابة العربية بالحروف اللاتينية
    بتقنية : الحرف العربي المعرَّب
    وحيد المعمري
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    لمن موجه هذا التقنين
    li mai mwagjah hadgie elgtaqnyn

    هذه الكتابة العربية المقننة بالحروف المعرّبة، موجهة بصورة رئيسة وأساسية لمستخدمي الحرف اللاتيني في الوسائط الإلكترونية. وهي ليس دعوة للاستبدال، ولكنها حاجة لإيجاد نظام سليم يؤسس لكتابة العربية بالحرف الذي أصبح، كما هو واقع، ضمن واقع الممارسة، وإذ بذلك، فهو متطلب لدى الفكر العربي وثقافته. والمستخدمون للحرف اللاتيني في العربية، هم أناس على خلفيتين ثقافيتين :-

     من خلفية لاتينية، بما في ذلك أبناء المهجر. وهم : (لا يعرفون أو لا يجيدون العربية كتابة وقراءة).

     من خلفية عربية، أي إمّا أن يكونوا على خلفية ثقافية عربية. وهم : (يجيدون العربية كتابة وقراءة).

    وعلى ذلك فإن هنالك نوعين اثنين، من مستخدمي ومتلقي كتابة العربية بالحرف اللاتيني، وهما افتراضاً : الأول (س) والثاني (ص).

    فأن المتلقي (س) يُستَخدَم له طريقته التي يعرفها في أبجديته اللاتينية في كتابة الكلمة العربية. الهدف من ذلك فقط من أجل توصيل لفظ الكلمة له، بصورة تقريبية، حتى إن لم يكن اللفظ صائباً، وليس توصيلَ المعنى أو الفكرة. أي ليس من الضرورة أن يعرف، هذا المتلقي معنى الكلمة أو الاسم. فالمهم لديه فقط؛ أن يتمكن من لفظ الكلمة بالتقريب. مثال ذلك. سنكتب لهذا المتلقي اسم (صالح) هكذا (saleh) أو (salih) أو كاسم (سالم) حيث يكتب في أكثر من تركيبات للأحرف، هكذا (salim) أو (salem) أو (selim أو حتى (selem).إذن نحن أمام نوعين، من ممارسي الحرف اللاتيني، على اللغة العربية. وهولاء في ممارستهم للحرف اللاتيني، يتحولون بين عمليتي القراءة والكتابة. أي أن هنالك المصدر (الكاتب) وهنالك المتلقي (القارئ).
    متلقي (ص). هو ذلك الشخص الذي يكتب ويقرأ بالحرف اللاتيني بالطريقة الحالية، كما في طريقة برنامج يملي ومن بين هذا النوع من المتلقين قد يكون من الأصول العربية ولكن ثقافته لاتينية. أي بعبارة أخرى : كل من لا يعرف العربية أو لا يجيدها ولكن ثقافته لاتينية.

    متلقي (س). وهو ذلك الشخص الذي يكتب ويقرأ بالحرف العربي، مستخدماً الطريقة الجديدة . وقد يكون من بين هولاء من أصول غير العربية ولكن ثقافته عربية. وبعبارة أخرى، كل من يجيد العربية كتابة وقراءة (والذي يتعين عليه، لظرف خاص، أن يكتب أو يقرأ حسب الطريقة الجديدة.

    ونتيجة لوجود هذين النوعين من مستخدمي ومستقبلي العربية بالحرف اللاتيني، ينتمي كل منهما إلى ثقافة مغايرة عن الأخر، فإنه من الطبيعي أن تكون لكل منهما، كذلك، طريقته الخاصة المستقلة، في قراءة وفهم معنى الكلمة المكتوبة. إذا ما أردنا أن نكتب للمتلقي (ص) : أنا أحِبُكَ كثيراً. ينبغي أن لا نفعل الشيء ذاته بالنسبة للمتلقي الثاني (س). طالع في المثال التالــــــي :

    متلقي (ص) ثقافته لاتينية : لا يعرف أو لا يجيد العربية :-
    أنا أحِبُّكَ كَثيِراً
    Ana uhibbuka kateeran أو Ana uhibbouka katiran أو
    Ana uhibbooka kathiran

    متلقي (س) ثقافته عربية : أو يعرف ويجيد العربية، وإنْ كانت ثقافته لاتينية :-
    أنا أحِبُّكَ كَثِيراً
    Anie uhgigbuka katgiyrai

    أرجو الملاحظة : أن الكتابة في المتلقي (ص) تتبع قاعدة كتابة اللغات الخاصة بالحرف اللاتيني. إذ الـh بدلاً من الـ(ح) ومضاعفة لأي حرف عوضاً عن الشدة، كمثل (الـ(bb وهكذا غيرها من الحروف.

    كما أن هنالك استخداماً للـحرف اللاتيني (i) كتعويض عن حرف الـ(ي) العربية، أو مضاعفة حرف الـe في كلمة (كثيراً) يمكنك أن ترى كذلك أن حرف ألف النصب والذي هو (اً) تم استخدامه كبديل عنه، حرفي a و n هكذا : (an). كما أن هنالك استعاضات عن بعض الحروف العربية باستخدام أرقام، وهي كما في : همزة مفتوحة رقم 2 مثــــــل ( سبأ saba2 أو سوأل تكتب so2l). ورقم حرف خ 5 أو 7′. حرف ق 8. حرف ط رقم 6. والعين رقم 3 وغ 3′. وص رقم 9.

    ترى أنّه ليس في هذه الكتابة أيَّ شيء للعربية سوى تلك الكلمات القريبة منها من حيث اللفظ. وهذه الطريقة، هي التي تمارس عبر الكثير من المواقع في الوسائط الإلكترونية حالياً، بطريقة تكسير وتعصير للغة العربية. للأسف، هذا ما يجري في مجتمع الإنترنت العربي.

    لاحظ في المقابل : النظام المتبع في كتابة تلك الكلمات بالنسبة للمتلقي (س) سوف ترى بأن شكل تركيبات الأحرف جديدة تماماً، وتختلف إلى حدٍّ موغل عنمّا هو في المتلقي (ص). إذ أنَّ القاعدة المتبعة في المتلقي (س) هي ذات القاعدة في الحرف العربي. في هذا النظام ، الحرف الـ(ح) رسمت له (hg) والشدّة خصصت لها حرف الـ(g) بدلا من مضاعفة الحرف. أمَّا الـ(ي) استخدمت الـ(y) كما هي في الأصل اللاتيني من حيث اللفظ.

    أرجو أن تلاحظ أيضاً، كيف نكتب لكل من المتلقين (ص) و(س) عندما تكون في الكلمات حروف كمثل : (ألف بدون همزة “ا”) و(ألف المقصورة “ى”) والتاء المربوطة” ة”) لاحظ : في المتلقي (س) حيث أنَّ لكل كلمة مثل : (سارة sierao، سارَ siera، وسَرى saray) فهي كتابة مختلفة، بشكل بين، إذ ترمز إلى كل منها، بشكل محدد وقاطع، مانعة أي من الكلمات المكتوبة بالحرف اللاتيني اللبس والتأويل في معانيها. طالع الكلمات، كيــــــف يكتـــــــب أيّ مـــــــن (ص) و(س). :-

    متلقي (ص) الطريقة : تقليد للكتابات الأخرى – ليس لها صلة خصوصية اللغة العربية
    سارة سارَ سَرى سَلامَة سَلَمة
    sara sara sara salama salama
    إلى إلَّا على نَدى مَنْ
    ila illa ala naday man

    متلقي (س) الطريقة : لها صلة بخصوصية اللغة العربية
    سارة سارَ سَرى سَلامَة سَلَمة
    sierao siera saray saliemao salamao
    إلى إلَّا على نَدى مَنْ
    ilay iglie ioalay naday mai

    لاحظ : أن الكتابة في المتلقي (ص) تجد أن عملية كتابة كل من الكلمات (سَارة) و(سَارَ) وكذلك (سَرى) كتبت بنفس التركيبات وذات الأحرف، حيث لا يوجد أي اختلاف فيما بينها. ففي العادة تتم عملية كتابتها معتمدة على خلفية ثقافة الكاتب والمتلقي. إذن تكتب بعدد من التركيبات. فأن الذي يهم، بالنسبة لـلمتلقي (ص) هو توصيل اللفظ للكلمة العربية أو أسمائها دون تصوير للمعنى.

    لاحظ أن حروف الكلمات في (س) بكلا من الحرف العربي والمعرّب (اللاتيني) تتماثل من حيث العدد والتركيبات في (س) ، وهي على المنوال التــالي :-
    تركيبات الحرف العربي والمعربّ.
    كلمة : سارَة sierao كلمة : نَدى naday كلمة : سَلامَة saliemao كلمة : أُمّي ugmy
    حرف عربي حرف معرّب حرف عربي حرف معرّب حرف عربي حرف
    معرّب حرف عربي حرف معرّب
    س
    سا
    سار
    سارَ
    سارَة S
    sie
    sier
    siera
    sierao ن
    نَ
    نَد
    نَدَى N
    na
    nad
    naday س
    سَ
    سَل
    سَلا
    سَلام
    سَلامَ
    سَلامَة s
    sa
    sal
    salie
    saliem
    saliema
    saliemao أُ
    أُمّ
    أُمّي U
    ugm
    ugmy
    لاحظ أيضاً، أتياً، بالنسبة للكلمات : (مَن أنتَ ؟…. ومِن أيِّ بَلَدٍ ؟) يمكننا أن نلاحظ مدى عمق الفرق بين الكتابة الموجهة للمتلقي (ص) والمتلقي (س).
    نرى في المتلقي (ص) أن التركيبات مألوفة ومعتادة، وهي تقليد لكتابات الآخرين، ليس فيها شيئا استقلالياً خاصاً بثقافة معينة، سوى في كلمات أقرب إلى العربية.
    يمكن أن نرى كم هو الاختلاف بَيِّنْ، في طريقتي تركيبات الحروف، لكل من المتلقي (ص) و(س)، حيث نجد :-
    متلقي (ص) ثقافته لاتينية : لا يعرف أو لا يجيد العربية :-
    مَنْ أنتَ ومن أيّ بَلَدٍ
    Man anta wa min ay baladin

    متلقي (س) ثقافته عربية : يعرف أو يجيد العربية :-
    مَنْ أنتَ ومن أيّ بَلَدٍ
    Mai aita wa mii agyi baladii
    وترى في المتلقي (س) حيث التركيبات تمتاز عن الأولى باعتبارها تمتلك خصائص ومميزات بمفارقات عميقة، وهي بذلك تشكل ملامح تفرديه ليس فيها شيئاً مشتركاً سوى الأحرف، أمّا تركيبات الأحرف التي تنتمي إليها، فهي على الوجه السليم عربية – حسب النظام المطروح – مع التأكيد على أن (طريقة تركيب هذه الأحرف لا يمكن لـلمتلقي(ص) أو حتّى لـلمتلقي(س) التعامل بها، إلا بعد أن يكون قد تعلم وألمّ بالقاعدة التي تأسست عليها.
    *****

    Like

  5. العربية تمتاز عن كثير من اللغات، من حيث غزارة المرادفان وجزالة الحس وانتمائها، من حيث الاشتقاق، إلى عوائل وجدود. فمكَّنت اللغة العربية من أن تكتسب، في حميمية وتتنوع، الثراء اللغوي وحيوية الألفاظ وجمال المخارج وكثرتها. فكم جميلة هذه اللغة. فقد كنت في أحيان كثيرة، أتابع المسلسلات المدبلجة بالعربية الفصحى، أخص منها بالذكر، المسلسلات المكسيكية، ليس لأجل القصة، وإنما لعذوبة وجمال العربية فيها. فقد كنت أستمتع، كما لو أني أستمع إلى مقاطع من الموسيقى الملون بإحساس من الألفاظ. وكانت روحي، في داخلي، تردد في حسرة، أين العرب من لغتهم هذه. لماذا لم نعد نتحدث بها كما كان يفعل أسلافنا، إن كانوا هم فعلاً كذلك، قبل التردي والتخلف اللذان أصابا العرب في لغتهم.

    فقد وجد في المقابل العرب المستهلجون، في العربية الأصيلة أمراً صعباً التحدث بها، على الرغم من أن في داخلهم شيء ينهض بإحساس نزيه ينادي بجمال هذه اللغة، إلا أنهم فقدوا توارثيا، ومنذ أمد بعيد، عادة التحدث بها.
    ساهمت مسألة إهمال علامات تشكيل الكلمة، على جميع أو بعض الكلمات، أثناء كتابة النص – حسب رأي – في تذبذب وتميع اللفظ وعدم ثبوته على مستوى معيين؛ يكفي لقبوله كلفظ سليم للكلمة.

    هذا الإهمال لعلامات التشكيل على الأحرف، لم يأت من فراغ، بل أن طبيعة الأحرف العربية مفصولة تماما عن علامات التشكيل. ليس هذا فقط بل لم تكن – الأحرف والعلامات – من طينة وخلقة واحدة في أزليتها الأولى. كُتبت العربية أول ما كُتبت بها كانت بالأحرف الآرامية، واستمرت حتى اليوم، لم تكن معها علامات التشكيل, وهي كما أوضحتها : (الفتحة ـــَــ ، الفتحتان ـــًــ ، الضمة ــُـــ ، الضمَّتان ـــٌـــ ، الكسرة ــِـــ ، الكسرتان ــٍـــ) وهذه علامات التشكيل أو التحريك ، أضيفت إليها اضطرارا بغية الحفاظ على تصويب اللفظ.

    والقصة في هذا الشأن معروفة. ذلك أنه ” فبعد أن تم تجميع القرآن الكريم، حصل أن قرأه بعض من غير العرب على غير استقامة الكلمة فأبتكر اثنان من نوابغ العربية، في ذلك الوقت، أولهما وهو أبو الأسود الدوولي، حين وضع دوائر صغيرة على الأحرف كعلامات تحريك. أمّا الآخر فقد كان الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي أخترع العلامات الحالية، بهذه الإضافة حصل القارئ العربي على نقلة فارقة في عملية تهجئة للأحرف والتوصل إلى القراءة السليمة للنص العربي. وقد تأسس بهذه النقلة قاعدة سهلة على تعلم تصريف اللغة .

    بسبب هذا الفصل الحتمي بين الحرف وعلامات التشكيل، فقدت الكتابة العربية، بحروفها، القدرة على حماية وحدة الأصالة فيها، وذلك من خلال فقد آلية التصويب لمخارج الكلمة بحيث تنطق بالشكل السليم وعلى نحوٍ مقبول، إلا في قليل من الكلمات وهو ما ألفه وتعود عليه الناس على نطقه، ولكن في كثير منها (الكلمات) أصبحت مستباحة في اللفظ، ثم نشأت اللهجات العربية. نرى مثلاً على سبيل المثال، وليس الحصر، في اللهجات العمانية (سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة) ترى أن اسم (حَميد) بفتح الحاء يلفظ (حميد) بسكون الحاء. وأن اسم (حَمَد) هناك من يلفظها (حمَد) بسكون الحاء وفتح الميم. وما أكثر مثل ذلك وأعمق في سائر العرب، وأرى أن مسألة عدم تمكن اللسان العربي من تصويب الكلمة من حيث استقامة اللفظ، بشكل عفوي وتلقائية، بكامل الحركات، يعود إلى نتائج ما فرزته كينونة الحرف العربي بنسبة غالبة.

    يبدو لي واضحاَ بأن المشكلة في الأساس التي عملت على توصيل العربية على عدد كبير من اللهجات، هي للأسف خلقة الحرف العربي، وقلنا أن الأحرف الرئيسة تكتب منفصلة عن الأحرف الصوتية (علامات التشكيل) حتى أن العرب لم تقل بأنها أحرف بل قالت بأنها علامات تحريك وتشكيل للأحرف. وإذ أنها تكتب منفصلة فقد استسهلت الناس، من يمارسون مهنة الكتابة، إهمال وضع تلك العلامات، خاصة في التدوينات المستعجلة أو الكبيرة، وقد أصبح في إهمالها عادة وأمراً مسلماً به. فقد رأينا عبر التدوين العربي أن الجلّ الأغلب منه خلت تلك الأعمال من العلامات المحركة للأحرف إلا على سبيل التوضيح والتأكيد لمعنى الكلمة، وقد لاحظ الكثيرون أن بعض المؤلفات، خاصة القديمة منها، يقوم المؤلف بالتأكيد على حالة حرف ما من الكلمة؛ بالقول (بفتح أو ضم أو بكسر أو بشد حرف ما).

    فإن أمر خلقة الحرف العربي، بهذه الكينونة، كلف العربية تدهوره التدرجي لغوياً في عدد كبير من المجالات الثقافية. فقد ظلّت الكتابة، بالتدوينات النّاقصة للكلمات، تنقل عبر أجيال وراء أجيال، ومن بلد إلى آخر. وقد أدّى هذا إلى انحراف بعض أحرف الكلمات عن اللفظ السليم، فتفشى سوء اللفظ وساءت معها أحوال الكلمات، فحلّت لهجات متباينة ضمن اللغة الفصحة الواحدة.

    على الرغم من اعتزاز العرب بلغتهم والتفاخر بها، إلا أنّه قد لا يكون ذلك كافياً للنهوض الفكري، حتى ولو على مستوى السيرة الذاتية للإنسان العربي من الشارع، الذي لم يتلقَ تعليماً. أنه لمن المهم للغاية أن يتمكن، إذا ما توفرت بعض الإرادة، أن يجد العربي قادراً وبكثير من السلاسة أن يرسم مشاعره بكلمات فصيحة، تنبت من داخله بتلقائية براءة الطفل الموهوب.
    فأن إتمام كمالية الكتابة تؤدي بالضرورة إلى قراءة سليمة فتؤسس عبر تقادم السنين سلاسة في الحديث وسلامة في مخارج الكلمات مع سهولة في التعبير عن المشاعر، فتؤدي بدورها إلى علاقة حميمة بين المتحدث ولغته، وينعكس كل ذلك إلى مسألة إثراء الأدب، معنوياً ومادياً، بصورة جد سهلة وعفوية.

    يبدو لي أن التخلف في لغة الأم لدى العرب كان العامل الأبرز فيه، هو امتناع علامات التشكيل مع الأحرف الرئيسة، إلا في أن تكتب منفصلة عن بعضها. وقد عززت مسألة إهمال لتلك العلامات كفاية المعنى للكلمة. وقد ساهم هذا على إلغاء ذهنياً لتلك العلامات وعدم الالتزام بها من قبل المدونين.

    وإذا ما تسألنا : هل تنتظر العربية ما هو أسوأ؟ إذا ما قيست الإجابة على أساس نتيجة التهاون وعدم الأخذ الأمور بالجدية وبعين من البصيرة. فإن الأمر الطبيعي ستكون الإجابة المنتظرة مستقاة من الواقع الذي نرى فيه العربية تكتب باللاتينية بطريقة الهواة، تكتب بخلاف نطقها السليم. ولما كان الخطر المحدق بالعربية ليس في استخدام الحرف اللاتيني بقدر ما هو غياب التقنين الذي يؤدي إلى حفظ وتطوير العربية كلغة. فالاستخدام الخاطئ تفشى وهو أخذ في الانتشار.
    وإذ أن الموضوع بالغ الأهمية، فإننا نرى منذ وقت طويل، هنالك مشكلة تكمن في تردي وسوء بالغين لعملية طرح التقنية الصحيحة لكتابة العربية باللاتينية. وقد بات البعض يبتكر طرقاً وأساليب بعيدة عن أي أسس لقواعد اللغة العربية، وإذا ما ترك الأمر بدون قرار حاسم، سوف تقضم الكثير من الألفاظ الجميلة في العربية.

    ****
    3. فصاحة العربية لدى عموم العرب
    Facgiehgao Eliorabiyao Laday ioumwm elioarab.

    تكمن عبقرية اللغة العربية، في أنها ترتبط لغتها بتصوير معنى الكلمة من خلال النطق السليم لها، حتى وإن كانت تسمع لأوَّل مرة. وهذا ما يخالف، للأسف الكتابة بها بالحرف العربي، إلا في حالتين، وهي ليست نادرة فحسب، بل أنها معقدة وصعبة التحقيق : أن تكتب بكامل أدواتها (التحريك والتنوين والشدّة). أو من قبل متخصص في اللغة العربية.
    والحرف العربي المعرّب، هو مجرد مقترح، وهي فكرة قمت ببلورتها، بشكل مقنع ومرضٍ بالنسبة لي حتى الآن، وذلك حسب الممارسات التي قمت بها خلال هذا العمل، بحيث أدَّت إلى تحقيق تصوير واضح وجليًّ للكلمة العربية، إلى الحد الذي يجبر القول بأنها :-

    ” أفصح من أن تعرَب”. فأنَ الكلمة العربية يمكن أن تحافظ على حيويتها واشراقتها وعلى احساسها وجمالها إذا ما كانت محكية، بين عموم العرب، بفصاحتها وبيانها، ولن يتحقق ذلك إذا لم تكتب بكمال أدواتها.
    نحن في الحقيقة نتحدث النصف فقط من العربية بينما عطلنا نصفه الآخر. أنظر النص نفسه المظلل أعلاه، لكنه مكتوب بالحرف اللاتيني بالطريقة المقترحة :-

    Afcgahgu mii an tuiorab. Fa agna elkalimaoa eliorabiyaoa, yumkinu ai tuhgiefizga ioalay hgayawiyatihie wa esgorieqatihie wa iolay ehgosiesihie wa jamielihie, idgie mie kienat muhgokiyaoai, bayna ioumwm elioarab, bi kiemili adawietihie. nahgonu fy elhgaqyqaoi natahgagdatgu elgnicgofa faqavg miia elioarabiyaoi, baynamie ioagvgalnie nicgofahu elaekgara.
    على الرّغم من كل ذلك، هنالك جهد مطلوب نحو ايجاد حلول جوهرية للحرف العربي، وذلك نتيجة لعدم اكتماله في تصوير الكلمة العربية في الأعمال الجادّة في مختلف المجالات، أيّ أنّه لا بد على كتابة الحروف حرفاً بجانب حرف تصويب، أي أن تكتب حروفها بجانب بعضها الأخر، بدلاً من الحالة التي هي عليها الآن حيث الحروف مفصولة عن أدوات التصويب، لعلَّ عبَّر العديدُ عن المشكلات التي تواجه الكتابة العربية، ولكن ليس هنالك من تطرق إلى الحديث عن أسباب القصور التي تجعل من عملية الكتابة العربية معقدة وغير مريحة.
    هنالك صعوبة ترقى إلى مستوى المستحيل – من الناحية الفنية – في ابتكار أدوات تصويب متجانسة مع الحروف العربية، ذلك لأن أنماط الحروف الحالية استهلكت كامل أشكاله الهندسية.

    ونظراً للحاجة الحتمية على احياء الفصحى كلغة يتحدث بها الجميع دون استثناء كغريزة الأكل والمشرب والإحساس باللمس والنظر والشعور والبكاء والضحك, وأن تلازم اللغة الفصحى في الأحلام والتمني والحنين والجنس – ونظرا لكل ذلك – فأن ايجاد آلية تعيد للعربية فصاحتها هو أعمق شعوراً بالحاجة، لا يساويه في ذلك، إلا شعورنا بالحاجة إلى أدوات بقائنا على قيد الحياة.

    البحث في كتابة العربية بالحروف اللاتينية بحث مبرر، بسبب أن واقعًا جديدًا فرض نفسه بعيدًا عن التربويين وعن مجامع اللغة العربية. إنه واقع (الإنترنت). ففي مواقع شتى يكتب الشباب العربية بالحروف اللاتينية. هؤلاء توصلوا وحدهم إلى أعراف موحَّدَة عن طريقة كتابة العربية بالحروف اللاتينية، فحرف الخاء يستعاض عنه برقم 5، و العين برقم 3 و الحاء 7 ، والطاء6 ، وهؤلاء يمكن أن نطلق عليهم (العرب المستغربة )، فلا هم أجادوا اللغة الإنجليزية وتحدثوا بها، ولا هم أنصفوا اللغة العربية وتعاملوا بها ليجبروا العالم على احترامها.

    – الحرف العربي المعرّب : الحروف المستعاضة عنها تتسم بالإستقلالية والتفرد، وهــــــــــــــــــــــــــــــــــي : (خ kg – ع io – ح hg – ط vg ) وهي بهذا الشكل يمكن أن تمتلك فلسفة القاعدة الخاصة بكتابة العربية بالحرف الأم.

    محمد الصاوي : وصار مألوفًا على الشبكة أن تقرأ: assalamo alaykom. وشاعت هذه الطريقة وبخاصة في تسمية الملفات، بسبب أن بعض الحاسبات لا تتعرف على الحرف العربي في أسماء الملفات.

    – الحرف العربي المعرّب : (السَّلام elgsaliemu) ترى هنالك الشدّة (g) وترى الضمة (u) كما تلاحظ لام التعريف (el).

    – محمد الصاوي : وليس أمرًا نادرًا أن تقرأ لأحدهم يعتذر بسبب أن لوحة المفاتيح لديه لا تتعرف على الحرف العربي، فهو إما يكتب بالإنجليزية، وإما يكتب الكلمات العربية بالحروف اللاتينية. وقد أعيدت طباعة كتاب «الحروف اللاتينية لكتابة العربية» لعبدالعزيز فهمي، بعد نصف قرن من صدوره أول مرة سنة 1944م، وبعد أن أغلق مجمع اللغة العربية الملف برفض الاقتراح جملة وتفصيلاً. وطبعة الكتاب الجديدة غير مؤرخة، لكنها تحمل رقم إيداع يدل على أنه طبع سنة 1993م أو بعدها. التصور الحاكم paradigmعندما كتب أمين الخولي كتابه «مشكلات حياتنا اللغوية»، كان حريصًا على أن يضع عنوانًا عامًا هو: «من هدي القرآن». وكذلك فعل مالك بن نبي، عندما أصدر معظم كتاباته تحت عنوان عام هو «مشكلات الحضارة».والمعنى المستخلص من العنوان العام في المثالين السابقين هو وجوب الانطلاق من ركيزة أو رؤية كلية، أو مرجعية هادية تعصم المرء من الزلل، وتصونه من الاستغراق في التفاصيل التي تضيع معها المقاصد. وموضوع إحلال الحرف اللاتيني محل الحرف العربي لا ينبغي أن يكون بمنأى عن تصور حاكم. وعن هوية الثقافة العربية كتب أحمد أبو زيد أن «المقومات الثلاثة الرئيسة» هي: اللغة والدين والتراث. (أحمد أبو زيد، 2004م، ص 21 وص44). وفي حالة الثقافة العربية فإن هذه الثلاثية ليست متوازية بل متداخلة متمازجة. والخلل في أحد أركان الهوية العربية يصيب بقية الأركان بخلل مضاعف. وعليه فالبحث في واحد من أركان الهوية لا ينبغي أن يغيب عن سائر أركانها. وهناك ثلاثية معاكسة مؤتلفة من ثلاث دعوات مترابطة، يترتب اللاحق منها على السابق، هي: الدعوة إلى العامية، والدعوة إلى الحروف اللاتينية، والدعوة إلى التغريب. ومن الضرورة المنهجية أن ينظر إلى تلك الدعوات في كليتها، غير منفصلة إحداها عن الأخريين.مصطلحات الألفباء: مجموعة من الحروف يستعان بها في كتابة اللغة. ويطلق على ترتيب نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر «الترتيب الألفبائي». الأبجدية: مجموعة الحروف مرتبة ترتيبًا قديمًا، استعمل لحساب الجمل، يسمى «الترتيب الأبجدي». التهجئة: وسيلة تعليمية للنطق، تعتمد على تجميع الحروف لتكوين الكلمات. وهي أيضًا تقطيع الكلمة إلى حروفها المكونة لها، مع نطق هذه الحروف حرفًا حرفًا. وحروف التهجئة هي نفسها الألفباء أو الأبجدية. (راجع هذه المصطلحات في الموسوعة العربية العالمية، المداخل المذكورة).الخط: اصطلاح يستعمل بمعنيين: بمعنى الألفباء أو الأبجدية، فيقال الخط اللاتيني والخط الديموطيقي والخط العربي، وهكذا. والمعنى الثاني: الفن التشكيلي الإبداعي، فيقال الخط الفارسي والخط الديواني وخط النسخ وخط الثلث، وهكذا. والمعنى الثاني لا يتصور ولا يكون إلا في وجود الأول. نظرة تاريخية بعدما دخل المسلمون الأندلس، لم تمض ثلاثون سنة حتى أصبح الناس «يخطون الكتب اللاتينية بأحرف عربية، كما كان يفعل اليهود بكتبهم العبرية. وما انقضى عمر رجل واحد حتى ألجأتهم الحاجة إلى ترجمة التوراة وقوانين الكنيسة إلى العربية، ليتمكن رجال الدين أنفسهم من فهمها». (مصطفى صادق الرافعي، 1997م، ج1، 293). وهنالك لم يقل أحد بعدم صلاحية الحروف العربية لكتابة اللغة اللاتينية. ويستفاد من النص السابق أن إلغاء الكتابة بأبجدية لغة معينة يجعل ما كان قد كتب بها غير ذي معنى في غضون جيل واحد فقط.وبعد ثمانية قرون حدث أن «كان المتنصرون من المغاربة في ذلك العهد ـ أيام محاكم التفتيش ـ يكتبون العربية بأحرف إسبانية، وهم أذلاء محتقرون من أنفسهم ومن المسيحيين، فحظر عليهم فيليب الثاني سنة 1556م استعمال العربية». ( السابق، ص 300).إنما يتذكر أول الألب ابصورة «الخط الجديد» للزهاوي سنة 1896م يتجلى فيها العدوان على الإبداع والجمال والهوية معًا.أما في المشرق فقد تأخر الهجوم الجريء على العربية والخط العربي إلى أن دب الضعف في الدولة العثمانية. ففي سنة 1896م نشرت مجلة المقتطف اقتراحًا لجميل صدقي الزهاوي سمّاه «الخط الجديد» (عبدالجبار القزاز، 1981،190). وأعجب ما في موقف الزهاوي أنه كان مدركًا تمامًا أن «القرآن الكريم وكتب الحديث مكتوبة بخطنا القديم، فإذا تبدل الخط اقتضى أن يبدل خط القرآن وكتب الحديث». كما أنه كان مدركًا أنه إذا شاع اقتراحه بتبديل الخط فإنه لن يبقى أحد يقرأ الخط العربي، «فتعطل كل كتبنا العلمية والأدبية كأن لم تكن شيئًا مسطورًا». ولم يجد الرجل كلامًا يدفع به المخاوف، سوى أن يقول إنها اعتراضات بمعزل عن الصواب. (السابق نفسه).أما كارل فولرس K. Vollers الذي تولى إدارة دار الكتب المصرية خلفًا لولهلم سبيتا Wilhelm Spitta، فقد طالب بنبذ العربية الفصحى وبضرورة الكتابة بالعامية، ووضع كتابًا أسماه «اللهجة العربية الحديثة» لم يطالب فيه بإحلال العامية محل الفصحى فحسب، بل باستعمال الحروف اللاتينية لدى كتابة العامية أيضًا! والمستشرق الإنجليزي سلدون ولمور Seldon Willmore الذي تولى القضاء بالمحاكم الأهلية بالقاهرة إبان الاحتلال البريطاني لمصر، أصدر في 1901م كتابًا يدعى «العربية المحلية في مصر» طالب فيه باتخاذ العامية المصرية لغة أدبية بدلاً من الفصحى ووضع قواعد لها. ودعا إلى كتابتها بالأحرف اللاتينية. وكما لم يجرؤ أحد من دعاة العامية على كتابة آرائه وأفكاره في أي من كتبه باللهجة العامية، بالمثل لم يكتب أحد دعاة الحروف اللاتينية أو غيرها كتابًا بالحروف المقترحة، لأنه يعلم قبل غيره أنه بذلك يحكم على كتابه بالموت ساعة ولادته. وبعدما تبين تهافت الدعوة إلى العامية، علا صوت رديف يدعو إلى استخدام الحرف اللاتيني. ففي باريس ( كوليدج دي فرانس ) ألقى المستشرق الفرنسي«لويس ماسينون» محاضرة في جمع من الشباب العربي عام 1929م، جاء فيها: «إنه لا حياة للغة العربية إلا إن كتبت بحروف لاتينية». وفي العام نفسه 1929م نشرت مجلة «لغة العرب» السؤال الآتي: «ما رأيكم في تبديل الحروف العربية من الحروف اللاتينية»؟ وأردف صاحب السؤال أنه من القائلين بتبديلها لأنها في نظره «عقبة كأداء في سبيل تطورنا الأدبي والاجتماعي». (عبد الجبار القزاز،1981م، 196). وجاء الجواب من الأب أنستاس الكرملي أنه «في تصوير كلامنا العربي بحروف لاتينية منافع ومضار». لكن من أهم ما جاء في رد الكرملي أنه كان واعيًا بدور القوة القاهرة في فرض الهيمنة الثقافية لنمط بعينه، فقال: «ونحن نرى أنه يأتي يوم تشيع لغة واحدة في العالم كله، وهذه اللغة تكون لسان الأمة القهارة الجبارة.. إذًا لا بد من كتابة العربية بحروف لاتينية، شئنا أم أبينا». (السابق نفسه). وانظر مناقشة جذور الفكرة في (محمد محمد حسين، 1956م، الجزء الثاني، ص 357 وص 363 )، فكل من جاء بعده ناقل عنه في هذا الموضوع. وقد تحمس لهذه الفكرة وتبناها عبدالعزيز فهمي، فدعا إلى (إحلال) الحروف اللاتينية محل الحروف العربية، وطرح فكرته هذه في الجلسة التي عقدها مجمع اللغة العربية في 3 مايو سنة 1943م (نفوسة زكريا، 1964م، 208).وكانت قد أشيعت الشكوى من صعوبات الرسم الإملائي العربي،

    – الحرف العربي المعرَّب : الكتابة العربية، بالحرف العربي، غاية في السهولة واليسر ولكنها لا تسطيع تصوير فصاحة اللسان العربي، بكامل مخارجه إلا إذا صاحب ذلك أدواته التصويبية – وهذا مكمن الصعوبة – وقد كان السبب في اهماله في الأعمال الجادة، إلا في الحالات النادرة القليلة فلا تثري الفصاحة فيها. وقلنا أنفاً أن هنالك صعوبة ترقى إلى مستوى المستحيل – من الناحية الفنية – في ابتكار أدوات تصويب متجانسة مع الحروف العربية، ذلك لأن أنماط الحروف الحالية استهلكت كامل أشكاله الهندسية، إلا أنَه الأمل كله في الإبداع، إن جاد قد نرى تحسيناَ مضافاً في الحرف العربي أو تبديلا عنه للأحسن.

    – محمد الصاوي : لدرجة أن لائحة مجمع اللغة العربية نصت على أن من مهام المجمع «البحث في أمر تيسير الكتابة العربية». ولكن ربما غاب عن الكثيرين أن اللائحة لم تنص على «وأد الكتابة العربية» ولا على «استعارة كتابة تحل محل الكتابة العربية».وقد أعلن المجمع عن جائزة مالية لمن يقدم اقتراحًا. وتسابق الناس باقتراحاتهم – كما يتسابقون اليوم بمبادراتهم (الديموقراطية)- ثلاثة وعشرون اقتراحًا رفضها المجمع كلها.صورة تمثل محاولة لتبسيط الكتابة للمبتدئين، وتبرز الفارق بين التبسيط والإلغاء.

    -الحرف العربي المعرَّب : تسيسير الشَّي من العدم، هو إبتكاره وايجاده على أرض الواقع، أمّا التيسير في أمرٍ موجودٍ، فأنَّه يأتي بمعنى تقنينه وتنظيمه لتسهيل أمره على النَّاس؛ فأيُّ الأمرين كان يعنيه المجمع. فإذا كان الأمر يتعلق بالكتابة العربية بالحروف الحالية، فذلك يعني أن الحرف العربي به عيب أستعصى على صانعه على مدى الدهور الماضية، أما إذا كان المجمع يريد تيسير الكتابة العربية بالحروف اللاتينية، فهذا يرمي إلى ما نحن في صدده الآن.

    – Elhgarf Elioaraby Elmuioagrab : Taysyr elgsgay miia elioadam, huwa ebtikierihi wa eyjiedihu ioalay arpg elwieqiio. Agmie elgtaysyr fy amrii mawjwdii, fa agnahu yeaty bi maionay taqnynihi wa taizgiymihi li tashyl amrihi ioalay elgniesu; fa agyu elamrayni kiena yaionyhi elmajmaio. Fa idgie kiena elamru yataioaglaqu bi elkitiebaoi elioarabiyaoi bi elhgurwfi elhgieliyaoi, fa dgielika yaiony agna elhgarfu elioarabiyu bihi ioaybui astaiocgay ioalaay cgieniioihi Ioalay maday elgduhwri elmiepgyaoi. Agmie idgie kiena elmajmaiou yurydum bi dgielika, taysyru elkitabaoa elioarabiyaoa bi elhgurwfi elglietynyaoi, fa hadgie yarmy mie nahgonu fy cgadadihi.

    – محمد الصاوي : اقتراح عبدالعزيز فهمي : قدم عضو مجمع اللغة العربية عبدالعزيز فهمي إلى مؤتمر المجمع في جلستي 24 و31 يناير سنة 1944م ورقة عنوانها: «اقتراح اتخاذ الحروف اللاتينية لرسم الكتابة العربية». وطبعت الورقة بالمطابع الأميرية في فبراير 1944م. ومما يسترعي الانتباه أن عبدالعزيز فهمي قدم اقتراحه في 39 صفحة، لكنه سود في الدفاع عن الاقتراح 136 صفحة. ويبدو من ردود العلماء وأصحاب الأقلام أن الرجل كان مبجلاً في القوم، فلم يكن متهمًا في دين ولا خلق ولا وطنية. لكنه حقًا صدم الناس باقتراحه ذاك أي صدمة. ومرد هذا الشعور بالصدمة قد يكمن في أمرين أساسيين:أولهما: أن هذا الاقتراح ليس من ابتكار عبد العزيز فهمي، بل سبقه إليه «داود الجلبي الموصلي» سنة 1905 ميلادية. فقد نشر في تلك السنة «رسالة بالتركية في» إستانبول حث فيها الترك والعرب والإيرانيين على استعمال الحروف اللاتينية» (محمد شوقي أمين 1977م، 28).

    – الحرف العربي المعرَّب : لم يذكر الأستاذ محمد الصاوي، دوافع عبد العزيز فهمي، ولم يقدم الأسباب التي دفعت بالرجل إلى تقديم مقترحه لاستخدام الحرف اللاتيني في العربية، خاصة وأنَّ الرجل كان مبجلاً وأنَّه صاحب دين ووطنية وخلق. لا أخفي بأنَّه لدي احساس، على أنَ المبررات التي جعلت عبد العزيز فهمي يقدم على ذلك، هي ذات المبررات التي دعتني أنا الآخر، مع فارق الدّعوة للاحلال، حيث أدعو لأن تكون الممارسة المقننة بدل العشوائية التي أفسدت العربية.

    – Elhgarf Elioaraby elmuiagrab : lam yadgokur elustiedg Mughagmad Elgcgiewy, dawiefiio Ioabdu Elioazyz Fahmy, wa lam yuqagdimu elasbieba elglaty dafaioati bi elgrajuli ilay taqdymi muqtarahgihi li istikgodiemi elhgarfi elglietyny fy elioarabiyaoi, kgiegcgaoai wa agna elgrajula cgiehgibu dynii wa wavganiyaoii wa kguluqii. Lie akgofy bi agnahu ladagy ehgosiesui, ioalay agna elmubaririet elglaty jaioalat IOabda Elioazyz Fahmy yuqdim ioalay dgielika, hiya dgietu elmubararieti elglaty daioatny anie elaekgar, maioa fieriqi elgdaiowaoi lil elihglieli, hgaytgu adiow li ai takwna elmumierasaou muqagnanaoai, badala elioasgowie’iyaoi elglaty afsadati elioarabiyaoa.

    – محمد الصاوي : بعدها برزت دعوة المستشرق الفرنسي«لويس ماسينون» : «لا حياة للغة العربية إلا إن كتبت بحروف لاتينية».الأمر الثاني: أن صورة كمال أتاتورك – الذي ألغى سنة 1924م الخلافة والحروف العربية والأذان- قد صارت مرادفًا للعداء الصريح للإسلام والعروبة. فكيف يجرؤ شخص على اقتفاء آثار أتاتورك في إحلال الحرف اللاتيني محل الحرف العربي؟ وإذا كانت المسالة خاصة بحروف الكتابة فلماذا منع صوت الأذان بالعربية؟! راجع (لوثروب ستودارد،1971م، ج3، ص ص 389-393) . وقبل ماسينيون، وقبل أن يتقدم عبدالعزيز فهمي باقتراحه، كان المستشرق الأمريكي «ريتشارد لوتهيل» قد كتب في مجلة الهلال سنة 1902م يرفض كل محاولة لكتابة العربية بالحرف اللاتيني، ويسفّه كل دعوة إلى ذلك. أما المستشرق الإيطالي «كارلو ناللينو» فقد فند الفكرة من أصلها، واعترض عليها في مجلة الهلال أيضًا سنة 1936م (السيد رزق الطويل، 1986م، ص 104- 107).كان من أبرز الذين تصدوا للرد على الفكرة وتفنيدها «عباس محمود العقاد» عضو مجمع اللغة العربية آنذاك (عباس محمود العقاد، 1982م، ص 9، ص 37- 42) و(العقاد 1988م، ص 64- 67) وعبد الوهاب عزام وأحمد تمام، موقع islamonline))، ومحمود محمد شاكر(محمود محمد شاكر، 2003م، ص258-264 ). وقد افتتح عبدالعزيز فهمي كتابه بوصف خصومه بأنهم «الدهماء» أو يصانعون الدهماء. ( ص 2). لكن عندما تحفز المستشرق هاملتون جب «Gibb» لإيصاد الباب في وجه الاقتراح، قال عنه عبد العزيز فهمي إنه رجل من أهل التدقيق والتحقيق، وإن الرجل العظيم لا يرضى عن نفسه إلا إذا حمّلها أشد المشاق (ص 178). ورفض الفكرة كذلك «متى العقراوي» سنة 1945م، ونعتها بأنها «انقلاب». (عبد الجبار القزاز،1981م، ص 206-207). كما رفضها أيضًا «منير القاضي» سنة 1958م ووصف الأسباب والعلل الداعية إلى استبعاد الرسم المعمول به وإحلال الحروف اللاتينية محله بأنها أسباب «تافهة كل التفاهة، وعلل هي علل وأمراض انتابت قلوب الذاهبين إلى هذا الرأي» (السابق ص 218). الحروف المقترحة لعبدالعزيز فهمي.ملاحظات على اقتراح عبدالعزيز فهمي وكتابه :- قدم الاقتراح في صيغة الجزم واليقين الذي يجافي روح النظر العقلي والتأمل الواقعي للأمور. وصيغ الاقتراح بشكل طموح مبالغ فيه، فقد توقع أن تزول كل الصعوبات دفعة واحدة، وأن تسلس القراءة للصغار والكبار، عربًا وعجمًا، مثقفين وعوام. (عبد العزيز فهمي (د.ت) ص10).- إن شكوى المستشرقين من عسر القراءة لا يمثل ضرورة تلجئنا نحن إلى اتخاذ حروفهم اللاتينية لكتابة لغتنا العربية.

    – الحرف العربي المعرَّب : جاء نتيجة للإرتجالية والعشوائية، التي باتت تهدد بفساد العربية كلغة، ولا تهددها كحرف يكتب بها. وقد تأكد من خلال أكثر من عقدين من الزمن، عبر ما صاحب الوسائط الإلكترونية، خطورة الوضع، إذا لم تقم أفكار تعالج المسألة، وذلك بإيجاد تقنين يحوي ويبرز هوية الفصاحة في العربية، من خلال الكتابة والقراءة السليمين. لهذا جاء الحرف المعرّب.

    – Elhgarf ELioraby Elmuioagrab : jie’a natyjaoai lil elirtijieliyaoi wa elioasgowie’iyaoi, elglaty batati tuhagdidu bi fasiedi elioarabiyaoi ka luoeaoii, wa lie tuhagdiduhie ka hgarfii yuktabu bihie. Wa qadi teagkada mii kgilieli aktgari mii ioaqdayni mii elgzaman, ioibra mie cgiehgaba elwasie’ivgi eliliktruniyaoi, kguvgwraou elwapgioi, idgie lam taqum afkierui tuioieliju elmasealaoa, wa dgielika bi iyjiedi taqnynii yahgowy wa yubrizu hawigyaoa elfacgiehgaoa fy elioarabiyaoi, mii kgilieli elkitiebaoi wa elqarie’aoi elgsalymayni. Li hadgie jie’a Elhgarfu Elmuioagrabu.

    – محمد الصاوي : تكلم المؤلف عن وعورة اللغة العربية، ودلل على ذلك بكلام كثير عن اختلاف لغات العرب. ولم يتبين من كلامه أية علاقة للناطقين بالعربية اليوم بحكاية لغات العرب الأقدمين. ألسنا اليوم أمام لغة هي في وصف القرآن «بلسان عربي مبين»؟

    أليس ما حواه القرآن هو لسان العرب الذي لا يُعلم لسان سواه؟ – ما شأننا اليوم بلهجات العربية الأولى؟ وما دخل هذا باتخاذ اللاتينية لرسم العربية؟- لماذا لم يكتب المؤلف كتابه بالحروف التي يقترحها، ثم لينظر أيقرأه أحد من الناس أم لا؟ ما أشبه موقفه هنا بموقف الداعين إلى الكتابة بالعامية. لقد كانوا يكتبون بالفصحى كتبًا تروج لاتخاذ العامية لغة للكتابة والتعليم!!ـ وقع المؤلف في خطأ مزدوج عندما قال على سبيل الحصر والتوكيد: «إن الكتابة الحالية إنما تصلح لتصوير العامية فقط».

    – الحرف العربي المعرَّب : لقد ساهم الحرف العربي في لهجنة اللغة العربية، ومن ثم تخلي العرب عن فصاحة لغتهم. كينونة الحرف العربي منفصل عن كينونة علامات التحريك والتنوين، فالاثنان مختلفان إلى الحد الذي لا يمكن فيه كتابتها بجوار بعضها البعض. لعلني أقول، ما لا يرضي الكثيرين، وهذا أمر مؤسف، أن الكتابة بالحرف العربي، تصلح للعامية، لقصورها في تصوير الكلمة بكامل مخارجها، حتى أن الفصحى نفسها، تنازلت عن بعضها بسبب ذلك.

    – محمد الصاوي : فهل كان يقبل ضمنًا بأن تصير العامية هي اللغة المكتوبة؟- يعزو المؤلف صعوبات القراء كلها إلى الرسم الإملائي وحده (ص 35). والحق أن الرسم لا يمثل سوى قرينة واحدة من مجموعة قرائن تتضافر ليكوّن منها القارئ معنى المقروء.- إن الرسم الإملائي لون من الاصطلاح. ومن شرائط المصطلح الجيد «الشيوع» و«الملاءمة». فأما كتابة اللهجة الدارجة فقد عرف من المحاولات أنها غير ملائمة. وأما كتابة الكلمات العربية بحروف لاتينية فهذا شأن بعض المستشرقين، وما يفي بأغراض المستشرقين لا يفي بأغراض أبناء العربية. – يتكئ المؤلف على عبارة يكررها ويتشبث بها، هي قول علي الجارم: «إنك إن لم تكن لغويًا نحويًا صرفيًا معًا لعجزت عن أن تكون قارئا أو شبه قارئ». (ص 38). ولن يخفى على اللبيب أن قائلها إنما قالها على سبيل المبالغة والتهويل. ولو كانت عبارة الجارم تُفهم على حرفيتها لما أمكن للجارم نفسه أن يكون قارئًا أو شبه قارئ. – الاستناد إلى لائحة مجمع اللغة العربية لا يمكن أن يعني إلا البحث في سبل «تيسير الكتابة»، وليس إلغاء رسم الكتابة العربية إلغاء ينفيه من الوجود إلى مصلحة الآثار.- يعلمنا التاريخ أن لوثر في ألمانيا قد كافح من أجل كتابة الأناجيل بلغة الجماهير. واقتراح كتابة العربية بالرسم اللاتيني يؤدي بالضرورة – حال تعميمه – إلى نشوء فئة من (الإكليروس) بين المسلمين، يمكنهم وحدهم قراءة النصوص الأصلية. – بقدر ما جوبه به المؤلف من ردود عنيفة، كان هو نفسه مغاليًا في تقدير قيمة مقترحه، إذ قرر أن طريقته تحقق المصلحة أبلغ تحقيق (السابق ص 28).ـ بدلاً من أن يعرض المؤلف اقتراحه عرضًا وافيًا، راح يكتب مساجلات وردودًا على من عارضوه. فخرج الكتاب سجلاً للمناظرات حول الموضوع، من غير تفصيل وبيان لفحوى الاقتراح وكيفية نزوله إلى واقع الأداء اللغوي.الطريقة المقترحة لكتابة العربية بالحرف اللاتيني لعبدالعزيز فهمي- أساس الاقتراح هو إظهار حركات الإعراب في رسم الكلمات بحروف تدل على الفتحة والضمة والكسرة والسكون. وقد تجاوز واقع الأداء اللغوي المعاصر عن تحقيق ضبط أواخر الكلم، لأن حركات الإعراب ليست سوى قرينة واحدة من بين قرائن شتى تعين على تفهم الكلام. ـ كان من المناسب أن يخرج عبدالعزيز فهمي اقتراحه في ثوب من التواضع يليق بتواضع مضمون الاقتراح نفسه. وكان الأجدر به – إن كان مصرًا ـ أن يجعل لاقتراحه عنوانًا من قبيل: «اتخاذ الحروف اللاتينية لرسم ثلثي الكتابة العربية»، لأن الرجل بعد كل العناء أبقى على تسعة أحرف عربية كما هي. كما أبقى على علامات التنوين العربي كما هي ( ً ٌ ٍ) كذلك أبقى على علامة التضعيف (الشدة) ( ّ ).

    – الحرف العربي المعرَّب : الحروف المعرّبة أكتملت حاويةً كافة الحروف دون أن تبقي شيئاً يؤخذ عليها، وليس هذا فحسب، بل لعلها قدمت حسنة، إذ أوجدت صفة التفرد في الكتابة لتنأ بنفسها بعيداً عن التقليد، أنظر إلى العبارة : ( الكلمةُ العربيةُ أفصَحُ مِنْ أن تُعْرَب – elkalimaou elioarabiyaou afcgahgu mii ai tuiorab) أو كعبارة : (وَحدَةٌ عَرَبِيَةٌ مِنَ الخَليجِ إلى المُحيطِ – wahgodaoui iorabiyaoui miia elkgalyji ilay elmuhgiyvgi) لعلك سترى وبشكل واضح :-

    التشكيل والتنوين والشدّة، وترى قبل كل ذلك : استقلالية تركيبات الحروف، حيث لا تشبه تركيبات أيّة لغة أخرى. فالمارسات التي قدمها الحرف العربي المعرّب عبر مساحة كبيرة من صفحات هذا العمل، تنبيء بجديته.

    – محمد الصاوي : وإذا تخيلنا الحروف اللاتينية مزينة بعلامات تنوين الفتح والضم والكسر، فالأمر يكون قد خرج من الجد إلى الهزل. – فات صاحب الاقتراح أن اللغة أعراف ومواضعات، وليس في مقدور أحد أن يقلب الأعراف بمجرد اقتراح. كما فاته أيضًا أن اللغة تشيع بالاستعمال لا بالاقتراحات.- إن مفهوم البساطة ليس مرادفًا لمفهوم السهولة. والقاعدة اللغوية الأبسط ليست دائمًا هي الأسهل في الاستعمال. ألم يكن من الأبسط في الإنجليزية إلغاء حرف (S) في المضارعة مع المفرد؟ وألم يكن من الأبسط أن يصاغ الماضي من كل الأفعال، والجموع من الأسماء، على قاعدة واحدة مطردة؟- تحدث المؤلف عن أن هاديه الوحيد هو عقله، لكنه في الصفحة العاشرة من كتابه المكون من 186 صفحة يقفز فجأة وبدون مقدمات كافية إلى القول: «فكرت جديًا في الأمر وقلبته على كل وجوهه، فاتجه فكري إلى النظر في اتخاذ الحروف اللاتينية لرسم العربية. فنظرت واستيقنت أن لا محيص من هذا الاتخاذ، إنقاذًا للعربية من مساوئ رسمها» . هذا الكلام قيل في ظل الاحتلال الغربي لبلاد العرب، وما يصاحب الاحتلال من «امتيازات» للغربيين في المجتمعات العربية. ولو كان الوضع معكوسًا لرأى كثير من أصحاب المقترحات أن الرسم العربي هو أصلح رسم لكتابة اللغات قاطبة. – من قال إن نظام الكتابة لابد أن يخلو من المصاعب؟ أليس من الجائز أن يكون أحد أنظمة الكتابة – برغم مثالبه – هو أنسب النظم لكتابة لغة بعينها؟- يمثل المؤلف لمصاعب الرسم العربي بأن العربية تختزل أربع كلمات في رسم كلمة واحدة، مثل: «علمتنيه». فمتى كان الاختزال عيبًا ونقيصة؟- ذكر المؤلف العنت الذي يعانيه المثقفون في تلاوة القرآن. وغاب عنه أنه عنت ناشئ عن قلة المران والتدريب والممارسة. وغاب عنه أن تلقي القرآن لا شأن له بالرسم، لأن للقرآن خصوصية في تلقيه. فمن أراد أن يكون ماهرًا بالقرآن فلابد له من عمليتي (التحمّل والأداء) أو التلقي والعرض. التلقي عن حافظ متقن، ثم العرض عليه. – كل ما قيل عن الصعوبات في الطباعة صار كلامًا غير ذي موضوع، وبخاصة بعد تطور تقنيات الطباعة. وبفضل تزاوج تقنيات الليزر والحاسوب صار من الميسور طباعة كل ما يمكن تصوره من حروف وأشكال ورموز، مهما كانت الأحجام والأوضاع والتشكيلات.- لم يحدث قط أن تخلى قوم عن رسم كتاباتهم إلى رسوم غيرهم بدعوى الرغبة في ذيوع اللغة بين غير الناطقين بها.- قيل عن الاقتراح إنه يهدف إلى «تخطي المشكلات العديدة التي تواجه الكتابة بالحروف العربية من ناحية، وتوسيع دائرة انتشار اللغة العربية حتى تصل إلى أركان الدنيا كلها من ناحية ثانية».

    – الحرف العربي المعرَّب : لا تستطيع الحروف العربية الوصول إلى حد الكمال، إن ظلَت تشكيلات مخارج الكلمة السليمة الصحيحة مفصولة عنها، لا يمكن أن تستوي لغة دون مخارجها، فقد واجه طليعة العرب من القادة والحكماء من أهل الإختصاص في العربية وغيرهم، مشكلة أرَّقتهم وباتت مسألة العمل من أجل تصويب الكتابة أمرأً ملحاً للحفاظ على الدَّين من حيث هي اللغة العربية، وليس من حيث الحروف، وذلك بعد أربعين سنة فقط من انتشار الإسلام. فعلى الرَّغم ما وصلت إليه الكتابة من تطور ما بعد التعديلات وابتكار التشكيلات الحالية من قبل أبو اللغويين (الخليل بن أحمد الفراهيدي)، إلا أنَّ العربية ظلَّت تعاني من الحروف العربية، من حيث كتابتها دون تصويباتها إلا في أندر الأعمال، بسبب عدم وجود الانسجام والميكَنة التلقائية في كتابة النصف الآخر من الكلمة وأصبح العرب عن بكرة أبيهم لا يلفظون من الكلمة سوى نصفها، إلا من رحمهم الله في ذلك.

    من خلال الدعوات المتكررة بالكتابة بالحرف اللاتيني، من قبل البعض القليل مِن مَن يتألمون من حال العربية، يعيد، من جديد، التاريخ مشكلة البحث في مسألة ايجاد حلول ، كما فعل أجدادنا في أيَّام الخلافة الأموية.

    لماذا نضطر لإعراب الكلمة، حتى نتمكن من معرفة حركات حروفها، لا يوجد مبرر مقبول، إلا في ظل غياب استخدام النصف الآخر منها. فلابد أن ـتكتب الكلمة بكامل أوضاعها لترضع النَّاس عليها فيألفوها فيتكلمون بفصاحة وبيان.

    – محمد الصاوي : ترى هل انتشرت اللغة التركية في أركان الدنيا كلها؟!- بعدما أطال المؤلف الكلام عن مثالب الحروف المنقوطة في العربية، وعن عدم أمن اللبس بسببها وبسبب الحروف المتشابهة، إذا هو يثبت في اقتراحه الإبقاء على رسم الحروف (ع غ ط ظ ج ح خ) كما هي، بما فيها من التشابه والنقط. (ص 184).

    – الحرف العربي المعرّب : (ع io – غ oe – ط vg – ظ zg – ج j – ح hg – خ kg) طالع الأمثل وتركيباتها
    – محمد الصاوي : فكيف يظل عنوان الاقتراح – برغم ذلك – «الحروف اللاتينية لكتابة العربية»؟ ـ ترى هل تبقى أسماء الحروف التي غيرت إلى الرسم اللاتيني على تسميتها العربية؟ هل نسمي حرف(S) السين، أم هل نسمي حرف (Q) القاف؟ وفي ظل واقع تدريس اللغة الإنجليزية بالمدارس الحكومية الرسمية من الصف الأول الابتدائي، هل يمكن تعليم الطفل نظامين للأبجدية بينهما تشابه ظاهري، مع الاختلاف في تسمية الحروف، ومع الاختلاف في طريقة استعمالها؟
    كيف يميز الحرف اللاتيني المقترح بين كتابة (على) و(علا )، أو بين (عصا) و(عصى)؟

    – الحرف العربي المعرّب : (عَلَى ioalay – عَلا ioalie – عَصا ioacgie – عَصَى ioacgay).

    – محمد الصاوي : لقد وضع اقتراح عبدالعزيز فهمي أمام مرآة مقعرة، بحيث يخيل أنه من الضخامة ما يبدو معه أضعاف أضعاف قدره في واقع الأمر. – إن الكتاب قطعة أدبية بديعة النسج. وهو في الآن نفسه محاورة ذهنية بارعة السبك. لكن المؤلف حام حول فكرة ولم يبلغها. والمضمون الفعلي للاقتراح يفتقر إلى القدرة على الإقناع.- هدم الرجل اقتراحه بنفسه عندما قال: «والذي عنّ لي، بعد طول التفكير، أن الهمزة والجيم والحاء والخاء والصاد والضاد والطاء والظاء والعين والغين، هذه الأحرف العشرة يجب أن تؤدى برسمها العربي نفسه. ومن المصادفات أن هذا الرسم يتمشى مع رسم الحروف اللاتينية ويتسق معها كل الاتساق». (ص 155).ـ الحرف اللاتيني لن يبقى لاتينيًا، وإنما سيصبح بالضرورة تلفيقًا، إذا أريد له أن يصور مخارج النطق العربي.- تتجه كتابة الكلمة بالحرف اللاتيني من الشمال إلى اليمين، فهل يكون تتابع الكلمات كذلك من الشمال إلى اليمين؟ لم ينص في الاقتراح على شيء من ذلك، لكن النموذج الوارد في ص 186 يدل على ما اختاره صاحب الاقتراح.

    – الحرف العربي المعرَّب : الكتابة بالحرف المعرّب، من اليسار إلى اليمين، كما رأينا ذلك عبر الأمثلة والممارسات في هذا العمل. وكتابة اللغة العربية من اليسار في اتجاه اليمين، ليس هو أن تبدأ القول معكوساً. فاللغة العربية لا يضيرها أن تكتب من أي اتجاه من علٍ إلى الأسفل أو بالعكس. ما يضير العربية الأمر الذي هو عليه الآن في أن تكتب بنصف أدواتها، بينما يتوجب على القارئ أن يكمل النصف المعطل. فعبارة : مرحب بك في القصر، ترى أنها كتبت بأقل من حروفها الكاملة بسبع حروف (علامات)، إذ كان ينبغي أن تكتب هكذا : مُرَحَبٌ بِكَ في القَصْرِ، بينما نرى كتابتها بالحرف المعرّب تأتي كاملة بيسر وسهولة وبوضوح : Murahgabui bika fy elqacgri في هذه العبارة، بالحروف المعرّبة، ترى في كلمة (مُرَحَبٌ murahgagbui) الميم مضمومة mu (u) والراء مفتوحة ra (a) والحاء مفتوحة hga (a)ووالباء مشدودة بـ(g) ومنونة بالضمتين gbui (ui) وكذلك كلمة (بِكَ (bika الباء مكسورة بالكسر bi (i) والاف مفتوحة ka (a) وقس على ذلك كلمة (القَصْرِ elqacgri) القاف مفتوحة qa (a) الصاد ساكنة cg والراء مكسور الآخر بالكسرة ri (i).

    – نتيجة للممارسات العشوائية للغة العربية عبر كثير من المواقع، بالحرف اللاتيني، ونرى أن الأمر أمتد حتى في بعض وسائل الإعلانات. وإذا ما قارنا هذه الممارسات بقلتها قبل عقدين من السنين، سنرى أن الأمر أصبح اليوم متفشياً. لذا أن تعليم أمر ممارسته بشكل مقنن وبكامل أدواته ، في مناهجنا المدرسية، سوف يخدم العربية في اهم وجوهه ألا وهي الفصحى.

    *****

    Like

  6. جِدِّيَةُ الفُصْحَى وَعَبَثُ مُستَخدِمِي الحَرفَ اللاتيني
    أُسُسٌ وَمُمارَساتٌ

    JIGDIYAOU ELFUCGOHGAY WA IOABATGU MUSTAKODIMY ELHGARFI ELGLIETYNY

    Ususui Wa Mumierasietui

    – مقترح يرمي إلى : تيسير الكتابة واستقامة العربية بالحروف اللاتينية
    – الكاتب : وحيد المعمري
    – الإختصاص : باحث حلول
    – الموطن : عُمان
     طريقة تركيب حروف الكلمات مغايرة عن أية أبجدية أخرى .
     ذات إمكانيات تامّة في تصوير الكلمة العربية بكامل أدواتها.
     ذات ملامح مستقلة تعبر عن شخصية متميزة.
     لا يمكن الخلط بين معاني الكلمات مع أية لغة غير عربية.
     تمنع التباس الكلمات العربية بعضها ببعض.
     استخدام الأبجدية اللاتينية السهلة الأكثر شيوعاً.
     تخلو من نُقَط أو شُخَط أو أشكال فوق أو تحت الحروف، إلا من فاصلة الهمزة.

    “ما الأخطار التي تنشأ من جراء كتابة العربية بالحروف اللاتينية بدون قاعدة تقوم على تقنينها؟”. هذا السوأل الذي كان يجب أن يطرح ضمن أسئلة امتحان مقرر ” قواعد الكتابة و الترقيم“ الذي تدرسه جامعة القدس المفتوحة. الموسم الدراسي 2003م، بدلاً من السوأل: “ما الأخطار التي تنشأ من كتابة العربية بالحروف اللاتينية “.

    وقد أرعبني هذا الاستخفاف بسلامة العربية وشاعريتها، حينما رأيت الآن وأنا أطبع المقدمة، عبر قناة “طيور الجنَّة” وهو برنامج معروف يتابعه أطفال العرب في الوطن الأم والمهجر، تلك الكلمات العربية المشوهة، (بالحروف اللاتينية) بأسوأ ما يمكن أن يوصف، وهي تتحرك على الشريط أسفل الشاشة، وقد عجزت عن قرأتها وفهمها إلا بالتخمين. وهذه بعضٌ منها، وهي : – ( ana kteer uhibu – naja7 hayat hoolwa – fdeetidkum ahubbukum – roohi ahoobokom – yoom maloody – rooh al – shat – antee shoo raeek.)
    مسألة الكتابة العربية بالحروف اللاتينية، هو أمر واقع لا يمكن نكرانه أو منعه عن الممارسة. وقد فرض نفسه بقوة، من خلال تقنيات الوسائط المتعددة، ولكن هذه الكتابة تفتقد إلى قاعدة تؤسس للاستخدام السليم لها، مما تسببت في تفشي العشوائية فيها. إذ عمل هذا الوضع القائم، إلى تأكل ألفاظ بعض الحروف ذات الأصوات المتفردة في العربية، وقد شوه لسان الضاد لدى أولئك.
    نحن في مجتمع الإنترنت نرى الكثير مما يؤلم في هذا الشأن. وهنالك من يروج، بفظاعة عن الأحرف التي أستحدثها الهواة في استعجال، أو من بعض الدارسين الأكادمين، فقد كانت لهولاء محاولات في هذا الشأن، وهي محاولات، قاصرة لا تحمل وعي العربية وكينونة تركيبات أحرفها ذات الطبيعة الخاصة.
    وقد كانت جميع تلك المحاولات ذات قاسم واحد مشترك، تدور حول استخدام أرقام وأحياناً مع بعض إشارات وأشكال كتعويضٍ عن أحرف ليس لها ما يرادفها في الأبجدية اللاتينية، مثل ذلك رقم 3 مكان العين ورقم 7 لتعبر عن حرف الحاء وهلمَّ جرى. وقد دفعت هذه الممارسة العشوائية، بالكثيرين ممن يحملون غيرة على العربية، لأن يعبروا بألم عن تخوفهم على لغتهم، وذلك عبر بعض المواقع الإلكترونية.

    إن لم تواجه هذه الممارسة بحلول ذكية ومبتكرة وبجهد منظم في إطار من التحرر الذهني والبصيرة الحاذقة، بحيث تكون هذه الخطوة بمثابة، قلب الحالة السلبية في المسألة إلى حالة ايجابية، وخلق إضافة نافعة للغة العربية، لأن تكون واحداً من منافذ الفكر في الثقافة العربية، فإن لم يحصل هذا، سوف تتراجع العربية لفظاً وذوقاً لدى بعض هذا المجتمع الخلفي، ومن ثم تفشيه على البقية – مجتمع الإنترنت – الذي هو في الحقيقة مخاض لولادة مجتمع عربي جديد.
    كما أن وضع تقنين وضوابط، في كتابة العربية بالحرف اللاتيني، سوف يؤدي إلى حمايتها من أعمال العبث واللهجنة، التي تتعرض لها من قبل أهلِ اللغة أنفسهم. ذلك أن عدد هولاء المستخدمين – للحرف اللاتيني – في ازدياد يوماً تلو آخر، وهو واقع فرض نفسه، كما قلت، يتوجب التعامل معه من منظور موضوعي، فبدلاً من الاستسلام للعبث، فأنه ينبغي العمل على تقنين وتعليم استخدامه.

    في هذه المادة، أقدم اقتراحي، الذي أوضحت فيه بالشرح والتجربة، عن الحروف الجديدة التي أوجدتها، من خلال تركيب بعض منها بالآخر، وقد أسميتها “الحروف العربية المعرّبة”. وقاعدتي في ذلك، إتباع نفس الأسس والقواعد في كتابة العربية بالحرف العربي مع بعض الإستثاءات للضرورة.

    محاولة أولى لي – في هذا الشأن – تتكون من 49 صفحة، بعنوان [كيف نوظف الحرف اللاتيني لخدمة العربية]، والتي أودعتها للحفظ، لدى وزارة الإعلام، في أبوظبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة سنة 2004. إلا أنّه، بعد طول ممارسة، وجدت أن الأمر يحتاج إلى تعديل وتطوير لتصبح الكتابة بهذه الحروف خالية من العيوب.

    أشكر الأخ ناصر المجيول، من السعودية، بأدبه الجم، فقد قرأ الموضوع، عبر موقع مقهى اللغة العربية وتمعن فيه، ثم لم يتوان في تفنيد ونقد جزء أساسي منه، رغم ذلك، لم يستطع إلا وطرأ في إعجاب عن جزء آخر فيه، الذي يتعلق بالتنوين ,والهمزة والتاء المربوطة.

    وقد أثار، ذلك النقد والإطراء، مع نفسي، مبدأ أخذ الأمور بمحمل الجد. مما حدا بي إلى معالجة الأمر، وقد أستغرق مني ذلك فترة من الزمن، مما تمكنت من ثم على إجراء تعديلات أساسية فيه.

    فقد أدّت هذه التعديلات إلى الارتقاء بهذه الكتابة كأمر موضوعي فكري بحت، بعيداً عن مسألة التقليد للكتابات الأخرى، أو إتباع ما وضعه الآخرون، من قبل، من أسسٍ لا تتفق مع خصائص العربية، فكانت وبالا عليها، تعمل على اجتثاث أجمل ما فيها.

    أتت، كتابة العربية، بالحرف المعرَّب، من خلال فكرة تركيبات وتشكيل الكلمة، متسمة بالتفرد، وقد أظهرت بجلاء هويتها المستقلة، لا تقبل حالة اللبس مع كلمة عربية وأخرى, والأمر كذلك بالنسبة لأية لغة أخرى تستخدم الحرف اللاتيني.

    الهدف من إيجاد هذه الكتابة : توحيد قاعدة استخدام الحرف اللاتيني، إيقاف عمليات العبث والتشويه للكلمة العربية المجيدة. والعمل على دخول العربية في مسألة العناوين الإلكترونية بما تقتضية الشمولية في تدفق المعلومات عبر منافذ البحث الإلكتروني والمشاركة في صناعتها؛ وذلك من خلال إيجاد قاعدة تُمَكِّن من خلق نص جلي وممتع للعربية بالحرف المعرّب, من حيث لا اعوجاج أو تشويه في اللفظ ولا لبس أو تأويل في المعاني. ولم أفعل ما فعلت، إلا لكون، هنالك بين جنباتي صدى تخوف له ما يبرره، أن يأتي وقت تكتب فيه الأجيال المقبلة بالحرف اللاتيني ، فتتخذ قاعدة مخالفة للغة العربية، عندها تنحصر وتتلاشى العربية الأصيلة المنمقة بلطيف الكلمات وجميل المعاني وحلوِ النغمات.

    أنتظر متمنياً، من كل من له اهتمام باللغة العربية، أن يفضي لي بعضاً من روياه فيما يتعلق بالموضوع، كيفما كان هذا الرأي، ذلك لإيماني بأن التفاعل مع ذوي الشأن فيه، سوف ينعكس ذلك إيجابياً على المشروع. إلا أنني أنوه على ضرورة مراعاة تحقيق مواصفات عالية الجودة في الكتابة، وذلك من خلال أسس قابلة على رسم الكلمة العربية وبلورة فكرتها، بشكل يخلق الزهو والنقاء القابلين للتطور وافتتان النفس إلي العربية. لذلك لابد من مراعاة السياسات التالية :-

    1. طريقة تركيب حروف الكلمات مغايرة عن أية أبجدية أخرى .
    2. ذات إمكانيات تامّة في تصوير الكلمة العربية بكامل أدواتها.
    3. ذات ملامح مستقلة تعبر عن شخصية متميزة.
    4. لا يمكن الخلط بين معاني الكلمات مع أية لغة غير عربية.
    5. تمنع التباس الكلمات العربية بعضها ببعض.
    6. استخدام الأبجدية اللاتينية السهلة الأكثر شيوعاً.
    7. أن تخلو من نُقَط أو شُخَط أو أشكال، إلا من فاصلة
    الهمزة.
    *****

    Like

Comments are closed.